إيران تلكس: إنَّ العداء بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى أعمق بكثير مما يتصوره الكثيرون. فإيران والنظام الصهيوني، بعيدًا عن القضايا الدينية والطموحات الأيديولوجية، يخوضان معركة صامتة على الصعيدين القومي والحضاري.
إسرائيل هي كفارة خطايا أوروبا، كيانٌ مزيفٌ أُنشئ بعد الحرب العالمية الثانية على أساس استدرار العطف لليهود والمبالغة في جرائم هتلر. ولكن أطماع الكيان الصهيوني لا تقتصر على حدود فلسطين فحسب.
يعتقد الصهاينة أنهم ينتظرون ظهور "المشيح بن داود"، وهم يؤمنون بوجوب تجمع اليهود في أرض فلسطين أولًا، ثم احتلال وضم الأراضي الممتدة من النيل إلى الفرات لتحقيق حلم "الحكومة العالمية اليهودية". والخطان الأزرقان على خريطة إسرائيل يُجسدان هذا الحلم.
لذلك، فإن إسرائيل لا تسعى فقط إلى احتلال فلسطين، بل تطمح إلى السيطرة على المنطقة بأكملها، فهي في الواقع تعمل على إقامة إمبراطورية يهودية كبرى.
ربما ما وصفه ترامب بـ"الاحتفال الكبير في الشرق الأوسط" هو تصورٌ لمستقبل تكون فيه إسرائيل "جاليفر المنطقة"، بينما يختفي أي وجود للمقاومة والمحور الشيعي.
من ناحية أخرى، بعد الثورة الإسلامية، جعلت إيران قضية فلسطين وتدمير إسرائيل أحد أهدافها الرئيسية، وهي أيضًا تسعى إلى إقامة حضارة إسلامية عظيمة تمهيدًا لظهور الإمام المهدي المنتظر(عج الله تعالی فرجه).
وعليه، فإن إيران وإسرائيل كلاهما يسعيان لتأسيس حضارة وحكومة عالمية، وإذا هُزمت إيران، فسوف تشهد قيام حكومة يهودية داخل نطاقها الحضاري.
وبكل وضوح، فإن السبب الرئيسي وراء التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط هو دعم إسرائيل في السيطرة على "الجغرافيا الممهدة للظهور".
الصهاينة يسعون إلى تفكيك دول المنطقة، فإسرائيل لا تتحمل وجود أي دولة أقوى منها إقليميًا. منذ سنوات، قام "برنارد لويس" بوضع مخطط تحت مسمى "الشرق الأوسط الجديد"، حيث يتم تفكيك دول المنطقة ليصبح الكيان الصهيوني القوة المهيمنة.
وفي حال "سقوط المقاومة" في لبنان وفلسطين، ستُتخذ أولى الخطوات نحو تنفيذ مخطط "إسرائيل الكبرى" وإرساء "النظام العالمي الجديد" في المستقبل القريب.
لكن شجاعة إيران وأطراف محور المقاومة الشيعي في المنطقة أفشلت حتى الآن مخطط الشرق الأوسط الجديد.
ما هو واضحٌ أن واحدة من هاتين القوتين فقط ستبقى في المنطقة: إيران أم إسرائيل! والفائز في هذه المعركة سيؤسس حضارته الكبرى، أما الخاسر فسيفقد كل شيء.
إن "تكرار" أمجاد الإمبراطورية الإيرانية وتحرير فلسطين بات قريبًا، ولكن هذه المرة تحت راية أتباع أهل البيت عليهم السلام:
﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾
(سورة الروم، الآيات 1-6) تفسر البرهان: عند قيام القائم.
(البحراني، تفسير البرهان، ج4، ص335.)
إن وجود "مارقة الروم" في أحداث فتنة الشام هو محاولة يائسة للتأثير على مستقبل العالم.
لكن في خضم كل هذا، تبرز الخطة الإلهية لظهور ابن خاتم الأنبياء، من أفق مكة، ثم وصوله إلى القدس، ليُسطِّر مشهدًا جديدًا في تاريخ البشرية.